لن يفلحوا في إبعادكم عن الحسيمة يا صاحب الجلالة، فتلك الطفلة الصغيرة لا تزال في إنتظاركم..
بقلم: أمين خطابي *
لن تنسى ساكنة الحسيمة الأيام المليئة بالعطف والحب المتبادل، التي توزعت على مدى سنوات، بزياراتكم المتتالية يا صاحب الجلالة، لجوهرة البحر المتوسط، التي ستسكن بذلك قلبكم أول ما وطأت أقدامكم ترابها، وتسكنوا أنتم أيضا بذلك قلوب الريفيين أطفالا وشيوخا..
تلك الزيارات التي كانت تنتظرها كل قبائل الريف، بشغف مليء بعشق ملك شاب عند اقتراب كل فصل صيف، اختار مدينة عانت الكثير من الجراح في الماضي، أن تكون عاصمته الصيفية وأن يتفاخر بها أمام قادة دول العالم، وهي الجراح التي بدأت تندمل شيئا فشيئا بعطفكم المتتالي، الذي كسرتم به عقد الماضي..
الأطفال الذين كانوا يقفون على طول طرق ” بوسكور “، ” تلا يوسف ” و” تفنسا ” وغيرها.. لتحييكم بأيديها البريئة، لايزالون ينتظرون مرور جلالتكم بسيارتكم المكشوفة، بعيدا عن كل البروتوكولات، ليتحدثوا إليكم مباشرة، ويخبرونكم ما بقلوبهم، بعيدا عن كل الوساطات والتقارير..
أ تتذكر يا صاحب الجلالة، تلك الطفلة الشقراء الصغيرة، التي صادفتموها ذات مرة تلعب فوق شجرة، خلال إحدى جولاتكم بنواحي الحسيمة، التي بمجرد أن وقعت عيونكم في عينها التي تحمل في طياتها حكايات منطقة بأكملها، وحيتكم بكل براءة وحب وأمل في ملك طوى صفحة الماضي وفتح أخرى جديدة، وهو المشهد الذي ملأ عيون جلالتكم بدموع غالية..
أ تتذكر يا صاحب الجلالة، ألحان الأغاني التي كانت تعزف على منصة الساحة التي تحمل إسم جلالتكم، لتصل إلى مسامعكم بالإقامة الملكية المطلة على شاطئ “كيمادو” الساحر، تلك الألحان التي كانت تصدر من “قيثارات” شباب المنطقة، مرفوقة بأصوات حناجر شبابها، تلك الأجواء التي كان يعيشها معنا عن قرب إبنكم البار، ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي كان يتجول بكل أريحية بأرجاء ساحة محمد السادس، ويتابع عن قرب فقرات السهرات الفنية التي كانت تقام استقبالا لكم وفرحا بقدوكم..
أما الوضع الذي أصبحت عليه اليوم، العلاقة التي تربط جلالتكم بالحسيمة، فألخص لكم أسبابه أساسا، في استعمال السلطة والشطط بها من طرف البعض ممن أوكلت لهم المسؤولية هنا، وهو نفس النهج الذي لايزال مستمرا إلى حد اليوم، وذلك عكسا لما كان يأتي دائما في خطاباتكم السامية، بضرورة إحترام المواطن وخدمته كل من موقعه وتطبيق سليم للقانون، وهو ما تطور بعد ذلك يا صاحب الجلالة إلى سوء فهم معقد لم تستطع كل الأطراف إيجاد حل له بأقل الخسائر والمآسي إلى يومنا هذا..
وهذا الوضع يا صاحب الجلالة، أراد البعض أن يستغله في تصفية حسابات خاصة، ويرسم صورة مغلوطة عن الريفيين بصفة عامة، على أساس أنهم إنفصاليين وغيرها من الأكاذيب.. التي سبق للحسيمة أن نفتها في أول زياتكم لها سنة 1999، برفعها شعار رئيسي وهو: “ملكنا واحد.. محمد السادس”، وأكدته بعد في مسيرات الحراك الإجتماعي، التي كانت تجوبها سنة 2017، وذلك بإبراز كل الإحترام والتقدير لجلالتكم.
واليوم يا صاحب الجلالة، كل هذا قد يصبح من الماضي قريبا، لكن لن نترك “البعض” في استغلال هذا “سوء التفاهم المعقد” بين الحسيمة والدولة، في إبعادكم عن الحسيمة وعنا، لأنه لن يفلح في ذلك وإن اشتغل على ذلك ليل نهار، فحبكم للحسيمة هو بمثابة قصة حب لا تنتهي، ومبادرة واحدة من جلالتكم، والقيام بزيارة ملكية لها في القريب، ستعيد المياه إلى مجاريها.. وكل الأوضاع إلى ما كانت عليه، بما في ذلك عودة أبناء الحسيمة الذين وراء القضبان إلى أحضان عائلاتهم.
فمرحبا بكم يا صاحب الجلالة بالحسيمة، فتلك الطفلة الصغيرة لاتزال في إنتظاركم..
* فنان وإعلامي من أبناء الحسيمة