التجمع العالمي الأمازيغي يستعرض أهم محاور المؤتمر الثامن لأمازيغ العالم بإفران
الحصاد 24 – مراسلة
نظم التجمع العالمي الأمازيغي بالتعاون مع جريدة العالم الأمازيغي، ندوة صحافية بمقر الجريدة مساء يوم أمس الاثنين 23 نونبر، تناولت الترتيبات والسياق الذي سينظم فيه المؤتمر الثامن لأمازيغ العالم، من طرف التجمع العالمي الأمازيغي، بالتنسيق مع جمعية سكان جبال العالم فرع المغرب، وبدعم من مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية، وذلك في مدينة إفران، بمنطقة الأطلس المتوسط، أيام 27 و28 و29 نونبر 2015.
وافتتحت الندوة رئيسة التجمع العالمي الأمازيغي المغرب، أمينة بن الشيخ، التي أكدت على أن المؤتمر الثامن لأمازيغ العالم المزمع تنظيمه نهاية الأسبوع الجاري بإفران، يعد مناسبة يلتئم فيها أمازيغ العالم من أجل تدارس عدد من القضايا التي تهم كل مناحي الحياة السياسية والثقافية لشعوب تامزغا “شمال إفريقيا”، خاصة في ضوء المستجدات التي تعرفها بعض مناطق شمال إفريقيا كغرداية وليبيا والقبايل والمزاب.
وأضافت بن الشيخ أن مؤتمر إفران هو الثالث الذي يعقد بالمغرب بعد مؤتمر تيزنيت 2013، و الناظور 2005 الذي يعتبر أول مؤتمر يعقد على أراضي تامزغا، بعدما كانت كل المؤتمرات السابقة تعقد بالدياسبورا، وأشادت أمينة بن الشيخ بالمناسبة بالوضعية المغربية من الناحية الحقوقية على الرغم من نواقصها خاصة إذا ما قارناها ببعض الدول المجاورة، دون أن تغفل الناشطة الأمازيغية الإشارة إلى غياب أي دعم من الجهات الرسمية للمؤتمر في هذه الدورة.
من جانب آخر أشارت ذات المتحدثة إلى الصورة النمطية التي أصبحت تروج عن المغرب في الأوساط الخارجية، كالإرهاب والمخدرات والدعارة، بسبب ما يعيشه من أزمات مرتبطة أساسا بالهوية، والتي يجب عليه لتجاوزها أن يعود لقيمه الأمازيغية، مع احترام خصوصيات كل دولة وتمتيع كل منطقة بحكمها الذاتي، دون الوصول إلى الانفصال والتجزىء.
وبخصوص إهمال الحكومة المغربية للقوانين المفعلة لرسمية الأمازيغية قالت إبن الشيخ بأن من يمنح للأمازيغية وجودها هو الدستور، وأن ما يجب علينا القيام به كأمازيغ هو السعي لتفعيل هذه الرسمية وممارستها بدل البقاء مكتوفي الأيدي في انتظار صدور قانون تنظيمي للأمازيغية وأشارت في هذا المجال لمبادرة التفعيل الشعبي لرسمية الأمازيغية.
من جهته شدد رشيد الراخا الرئيس الدولي لمنظمة التجمع العالمي للتجمع الأمازيغي، على أن التجمع هو استمرارية للمؤتمر العالمي الأمازيغي الذي تأسس سنة 1995، “وكل ما حدث خلال مؤتمر بروكسيل في 2011 هو تغيير الإسم من المؤتمر العالمي الأمازيغي إلى التجمع العالمي الأمازيغي، إذ أن هذه التسمية الأخيرة هي الأكثر تعبيرا عن الهوية الأمازيغية، لأن التجمع هو المصطلح الدقيق الذي يقابل كلمة “أكراو” الأمازيغية، التي تحمل في طياتها عددا من القيم الأمازيغية، على عكس “كونغريس” التي كثيرا ما تم اتهام الأمازيغ بأخذها عن اليهود.
وتناول ذات المتحدث “ميثاق تامزغا” الذي تمخض عن مؤتمر التجمع العالمي الأمازيغي بتيزنيت سنة 2013، والذي يهدف إلى إلغاء الحدود بين دول شمال إفريقيا، وسيدرج تفعيل هذا المشروع في مؤتمر إفران.
وفيما يخص الأحداث الإرهابية الأخيرة بفرنسا قال رشيد الراخا أن المسؤولية فيها تعود للدول الأوروبية التي رفضت مرارا دعوات “التجمع العالمي الأمازيغي” وتنبيهاته إلى خطورة حرمان أبناء الجالية الشمال إفريقية من معرفة هويتهم وثقافتهم الحقيقية، وكذا خطورة الأفكار التي ينشرها دعاة الإرهاب وسط شباب الجالية، خاصة المتحدرين منهم من منطقة الريف، حيث يرتبط الإرهاب بالمخدرات بسبب أزمة الهوية حسب “الراخا”، واللغة والثقافة الأمازيغية تعتبر حلا لمحاربة الإرهاب، إذا ما تم الاعتناء بها وتدريسها، نظرا لما تحمله من قيم الحب والتسامح والتعايش بين الأديان.
وفي معرض إجابته عن أحد الأسئلة بخصوص الدور الذي تقدمه المنظمات الأمازيغية بما فيها التجمع العالمي الأمازيغي في التعريف بالقضية الأمازيغية، قال رشيد الراخا بأن التجمع استطاع إيصال الصوت الأمازيغي إلى منظمات حقوقية دولية كمنظمة الأمم المتحدة التي راسلت المغرب في الموضوع وطالبته بالتنزيل الفوري للقانون التنظيمي للأمازيغية، ومضاعفة الجهود من أجل رد الاعتبار لحقوق الإنسان الأمازيغي. ويعمل التجمع الأمازيغي على تنظيم أنشطة دورية (كل ثلاثة أشهر) موزعة على ربوع تامزغا من أجل خلق دينامية، كما أن التجمع، حسب الراخا، راسل البرلمان الأوروبي عدة مرات بخصوص قضية المزاب بالجزائر، وعدد من القضايا الأخرى.
وعن حضور أمازيغ الطوارق في مؤتمر إفران قال الراخا بأن ملف أزواد سيكون مطروحا في المؤتمر لإعادة النظر في المستجدات الجديدة التي أصبحت تحيط الملف، خاصة بعدما أجهضت فرنسا التوجه الفيدرالي الذي دعا إليه التجمع بالمنطقة، حيث كانت فرنسا دائما ضد الملف الأمازيغي، لذا فقد انتهج التجمع استراتيجية جديدة في التعامل مع أوروبا، خاصة بعد تحويل مقره الرئيسي إلى بروكسيل.
وختم الراخا حديثه بكون الوعي القومي هو الوحيد الكفيل بتحقيق المشروع المجتمعي لإيمازيغن بشمال إفريقيا، وتحقيق حلمهم الكبير في لم الشمل الأمازيغي.
سكوتي خوضير مندوب “التجمع العالمي الأمازيغي” بمنطقة بالجزائر الذي قدم من منطقة المزاب، قال في مداخلته أن النظام الجزائري اعتمد سياسة طمس الهوية الأمازيغية لمنطقة المزاب، وقام بتعريب عدد من المناطق الأمازيغية، وهي النقطة التي أعد عليها خوضير تقريرا سيعرضه خلال المؤتمر العالمي بإفران، حيث قام النظام الجزائري يضيف خوضير “بخروقات خطيرة ضد أمازيغ المزاب حيث وصلت لحد خروج قوات النظام بزيها الرسمي لتعنيف المزابيين”، كما أشار مندوب التجمع العالمي الأمازيغي إلى الخروقات التي يقوم بها النظام في منطقة القبايل، والحصيلة 30 قتيلا، وعدد من المعتقلين، وكذا شهيدين قتلا في سجن النظام، إضافة إلى دخول المعتقل كمال فخار الدين رفقة زميله قاسم سوفغارم في إضراب عن الطعام لأزيد من 20 يوما، ولا يعلم مناضلو المزاب عن حالتهما رغم مراسلتهم لعدة منظمات دولية.
من جانبه حاول عضو المكتب الدولي للتجمع العالمي الأمازيغي محمد حمي، أن يحصر حديثه عن موضوع المؤتمر الذي سينعقد أيام 27، 28، 29 نونبر الجاري بإفران، في الجواب عن سؤال ماهية الأمازيغية التي نريدها في شمال إفريقيا، والتي بدأ الأمازيغ ابتداء من مؤتمر الناظور في التوجه إلى تحديد مشروع واضح للتجمع العالمي الأمازيغي حولها، وهو التوجه نحو الديموقراطية والتقدم، وهي أولى مرتكزات النضال الأمازيغي الحالي، مع مراعاة ما تقتضيه الحداثة من مساواة بين الجنسين، ومن تقدم على مستوى الحقوق الفردية والجماعية، كما تحدث حمي عن مرتكز ثان للمشروع الأمازيغي، وهو مشروع الهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا مع مراعاة الاختلافات الإثنية لمكوناتها، وتحدث عن خلط كبير غالبا ما يسقط فيه المتتبعون، بين ما هو عربي وما هو إسلامي، لذا فقد دعا التجمع إلى إعادة النظر في هذه المفاهيم بناء على القيم، وليس بناءا على العرق.
والمرتكز الثالث الذي تحدث عنه محمد حمي بالنسبة للمشروع الأمازيغي هو توجيه النظام السياسي في اتجاه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان بغض النظر عن انتمائه الإثني.
بدوره أوضح عبد القادر أمزيان عضو جمعية سكان جبال العالم، بأنه من الجيد أن تعرف مدينة إفران الجبلية حدثا من هذا الحجم، قبل أن يتطرق إلى السبب الذي يدفع الجمعية للالتفات إلى سكان الجبال، لكون الدولة تبنت بعد الاستقلال سياسة إقصائية لسكان الجبال، الذين لم يلجوا هذه الجبال طواعية، بل هربا من الاستعمار وآلته الحربية، وهي سياسة مقصودة من طرف الدولة، وبالتالي فإن سكان الجبال هم منكوبي الاستعمار الفرنسي من جهة وكذلك الدولة.
ودعا أمزيان الدولة إلى الإلمام بالجبال في مشروع الجهوية المتقدمة، كما هو الشأن في الدول المتقدمة، التي تتأسف على مغادرة سكانها للجبال، الذين يبقون في المغرب مرتبطين بأرضهم ومتشبثين بقيم التضامن والتعاون.
وفي ختام الندوة الصحافية التي عرفت مشاركة عدد من المنابر الإعلامية، ونشطاء الحركة الأمازيغية، وممثلي بعض الجمعيات الأمازيغية، دعا المنظمون للحج بكثافة الى “إفران” والمساهمة في إنجاح العرس الأمازيغي العالمي والدفع بالنضال الدولي الأمازيغي نحو تحقيق المطالب التي ما لفتت ترفعها الحركة الأمازيغية في عموم تراب “تمازغا” منذ سنوات خلت.
كمال الوسطاني/ منتصر إثري